بسم
الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله, وبعد
إن
القضية التي يلزم التمحور حولها هي قضية تحرير فلسطين, وهذه القضية تتطلب استغلال
أكبر قدر ممكن من الممكن, ومحاولة كسب قدر من غير الممكن لمن هم تحت احتلال,
ومن أولى خطوات الاستعداد للتحرير توحيد الأمة المقاتلة تحت لواء واحد, لأن ذلك
سبب في حفظ النظام الداخلي للأمة, ويتم ذلك بتوحيد السلاح وتوحيد القيادة, وإذابة
الأطراف في طرف واحد, والقضاء على كل من يخالف ما يتفق عليه الجميع من أولي النهى,
وبعد توحيد الأمة تأتي الخطوة الثانية هي إنشاء جيش موحد لهذه الأمة من أبناء
الشعب كافة, ثم الخطوة الثالثة هي البحث عن الحلفاء, وأفضل الحلفاء القوي الذي يوافق
الأمة في الدين واللغة, ثم القوي المخالف, ثم المقارب الموافق ثم المقارب المخالف,
ويمكن أن تتحالف الأمة مع الأضعف لتكسب موارده لا ليدافع عنها, حيث إن الأمة تحمل
عبء الدفاع عن الأضعف مقابل استغلال ما عنده, ويقتضي عملية التحرير خطوة مرتبطة
بقضية الحلفاء, هذه الخطوة من الممكن ألا ترضي الكثير, هي دمج غزة مع مصر إذا ما
استقرت الأمور في مصر, وهذا الدمج يكون جزئيا, بحيث تكون الشئون الداخلية بيد
الغزيين, أما الشئون الخارجية والدفاع يكون بالشراكة بين الغزيين والقوات المصرية,
من الممكن أن ترفض مصر هروبا من حمل عبء الدفاع عن غزة إلا أن واجب الدين والعروبة
يلزم مصر بذلك, والأمر الذي يرفضه في توحيد الأمة الجميع هو عملية سحب السلاح من
الفصائل المسلحة في قطاع غزة, لكن الرفض يستحيل قبولا إذا أدركت الفصائل أن السلاح
سيبقى مقاوما لكن بصورة متحدة دون تشتت لأن القوة الضعيفة إذا رُكِّزتْ قَوِيت,
وإذا شُتِّتتْ ضَعفتْ, فإذا كان لديك قطعة سلاح وستة أشخاص فلا يمكن أن تشتت
المجموعة بل عليك أن تركز ضرباتها, أما إذا امتلكت قطعتين فيمكن أن تقسم المجموعة
إلى فرقتين, ثم الرفض قد يكون لمبدأ توحيد الأمة لاقتصارها على قطاع غزة دون
الضفة, وهذا الرفض قد يُرد إذا افترضنا أن الضفة الغربية تخضع لاحتلال اليهود
فعليا ولا يوجد فيها حكم فلسطيني ذاتي بالمعنى الحقيقي, إذ الحكم الفلسطيني قاصر
عن القيام بواجباته بسبب سياسة الاحتلال التي جعلت منه تبعا لها, وهذا القصور مع
التبعية يفرض علينا القبول بقضية اعتبار الضفة الغربية تخضع للاحتلال وتتطلب
تحريرا كما تل الربيع وحيفا والجولان, ومن الممكن أن يكون رفض هذا الأمر بسبب
مساحة القطاع المحدودة جدا, لكن لا مجال للرفض, لأن القطاع الذي استطاع أن يحتضن
عنف الانقسام قادر على أن يحتضن قوة الاتحاد, وقد يرى البعض أن الأجواء العربية لا
تساعد على هذا الأمر, والحق أن الأجواء العربية أفضل ميقات لحدوث الاتحاد, لأن
العرب تجيش صدورهم عداوة على اليهود, ويتقبلون الآن أي فكرة من شأنها أن تضعف
اليهود, إذ الشعوب تحاول الاحتكاك مع الاحتلال اليهودي بكل ما لديها, في النوادي
والشوارع والمظاهرات والمقاهي, لأنهم يعدون اليهود فيروسات دخيلة على الهيكل
العربي, ويرون أنهم هم السبب الحقيقي وراء مشكلات العرب الداخلية والخارجية حتى
اللا مُتدين منهم, كذا تجد كل الذين يحاولون الصعود على سدة الحكم الآن يتخذون من
العداء لليهود دعاية لهم, ويستغلون قضية فلسطين لإثارة الجماهير, إن الأرض العربية
تقول لفلسطين بصمت: اتحدي, لا يمكن لنا أن نتحرر ونحن أشتات, لا يمكن أن نتقدم
ونحن لا نتحدث إلا عن الماضي, كل اللقاءات والاجتماعات التي تخص القضية الفلسطينية
لا تجاوز أحداثا ماضية, نحن نريد أن نتطلع إلى المستقبل, وما الذي يجب فعله للوصول
إلى الهدف؟ قد يتعجب البعض من كيفية ذوبان تنظيم في تنظيم لأن أفراد كل تنظيم لا
يقبلون ذلك البتة, لكن العجب يزول عندما ندرك أن المطلوب ليس إذابة فصيل في آخر,
إنما المطلوب هو إذابة الجميع في الوطن, ليصبح الجميع فلسطينيا خالصا, إذ لا يعقل
أن يرفض أحد من أي فصيل أن يكون فلسطينيا, وقد يعترض البعض على إذابة الجميع في
الوطن لا في الدين, لكن الاعتراض هنا لا ينبغي لأن الدين أكبر من كل الاعتبارات,
حيث إن الفلسطينيين كافة مسلمون إلا نسبة قلية جدا من النصارى واليهود, أسأل الله
السداد والتوفيق..
والحمد
لله رب العالمين, والصلاة والسلام على خاتم المرسلين...
يوسف
بن حسن حجازي
الأربعاء
20حزيران2012مـ/ 30رجب1433هـ
6:55مساء
تعليقات
إرسال تعليق