بسم
الله الرحمن الرحيم
من
المتوقع أن يعارض كثيرٌ من القرَّاء كلامي, لكن العاقل المتأمل فيه لن يسعه إلا أن
يطالب به, فحتى نستطيع نحن الفلسطينيين أن نتقدم في كل نواحي الحياة فيجب حلَّ
التنظيمات وتوحيد الصف, والحجة التي يتخذها من يدافع عن وجود تنظيمات هي الحجة
نفسها التي تدعونا إلى حل التنظيمات, وهي وجود الاحتلال, فيجب أن تكون الكلمة
واحدة, والسلاح واحدا, والقرار واحدا, ثم بعد ذلك ليس من الغريب أن يكون في الصفوف
منافقون, المهم أنهم تحت لواء القيادة الموحدة للشعب الفلسطيني, إن العقبة الكأداء
التي تقف أما تحقيق هذا المطلب هي الضفة الغربية التي لا يمكن أن يطبق فيها مشروع
كهذا لاعتبارات معينة, ولا أدري لماذا لليوم لا نعترف أن الضفة تخضع لاحتلال كامل
كأراضي الثمانية والأربعين؟ والعرب فيها كعرب الثمانية والأربعين إلا أنهم بهوية
فلسطينية؟ لماذا لليوم نظن أن الضفة تحت سيطرة السلطة الفلسطينية؟ علينا أن نؤمن
بالواقع حتى يمكننا التعامل معه, فلا يمكن معالجة المرض دون إدراك وجوده, إن قرارا
كهذا يتطلب شخصية قوية صادقة, تؤمن أنه لا تقدم إلا بجمع الأمة على قرار واحد كما
فعل رسول الله في المدينة, وعبد الملك بين مروان في خلافته عندما قضى على أسباب
الفتنة من المعارضين مستعملا الحجاج, وصلاح الدين الذي واجه الحكم الفاطمي الشيعي
في مصر وأعاد الأمة إلى القرار الواحد, وهتلر النازي الذي تملَّك قلب كل من يتحدث
الألمانية بتأثير خطبه, فصاروا يقاتلون من أجله ومن أجل الوطن, وموسوليني الفاشي
في إيطاليا الذي استخدم القوة المفرطة لتوحيد الصف واستطاع بذلك أن يحكم أكثر من
عقدين من الزمن ويدخل شريكا لألمانيا في أشرس حروب العالم, وستالين الاشتراكي الذي
ضحى بأكثر من عشرة ملايين سوفيتي مستخدما القبضة الحديدة لأجل القرار الواحد
والأمة الواحدة, كما تؤمن هذه الشخصية أن الهزيمة تبدأ من حيث اختلاف الأمة,
فعندما اختلفت الأمة في عهد عثمان وعلي رضي الله عنهما ضعفت, وعندما اختلفت في عهد
المستعصم هُزمت, وعندما اختلفت الأمة الأندلسية طُردت, وعندما اختلفت في آخر العهد
العثماني طُمست, فلا مجال للتقدم إلا بتفكيك التنظيمات والتخلي عن وهم السيطرة,
والانتقال إلى مرحلة الأمة الواحدة واقتصار المعارضة على الجانب السياسي فقط لأن
الفكر من المستحيل توحيده بخلاف القوة والقرار, وبناء جيش موحد وحكومة منتخبة من
الشعب لا من التنظيمات إذ لا وجود لها بعد تفكيكها, وتوحيد الأمة يمكن من خلاله
القضاء على الدعم المشبوه لبعض التنظيمات, كما يعطينا مبررا لمواجهة السلاح غير
الشرعي المختزل عند بعضها الآخر, كذلك يسد كل حجة أمام تملُّك السلاح بحجة مقارعة
العدو, حيث إن مقاومة العدو ستكون من خلال طريق شرعي واحد هو الجيش الذي سيتم تشكيله
من الشعب, ألا نغار من الاتحاد الأوروبي في آلية تداول السلطة القائمة على شيء من
العدل الاجتماعي ونحن أفضل منهم إيمانا وخلقا, وقد مللنا ونحن نسمع عن كفر
الديمقراطية وفي الوقت نفسه لا نرى البديل من أولئك المكفِّرين, إذ أين الشورى
التي تحقق لنا ما حققته الديمقراطية للغرب من استقرار, التاريخ يشهد للغرب بشنيع
جرائمه في حق البشرية والتي آخرها الحروب العالمية القذرة, حيث كان حكمهم أسوأ من أسوأ
حكم عربي الآن, والتاريخ نفسه يشهد للغرب كذلك بعد تلك الفترة البغيضة باستقرار
الحكم, إذا كنا عاجزين عن إخراج مفهوم الشورى من القرآن واستحضاره من سيرة رسول
الله والخلفاء الراشدين إلى واقعنا ليحقق لنا استقرار الحكم فكيف لنا أن نواجه
غيرنا, إن قوة النقد تتولد من قوة الإيمان بالشيء الذي ندافع عنه وننقد من أجله, أسأل الله
السداد والصلاح لي وللمسلمين..
والحمد
لله رب العالمين..
والصلاة
والسلام على خاتم المرسلين..
يوسف
حسن حجازي
نشر
في: ليلة الأحد
28
أغسطس 2012 / 8 شوال 1433
1:30صباحا
موضوع ممتاز جدا شكرا لكم
ردحذفشكرا لك
ردحذفشكرا ع المجهود
ردحذف