التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الاختلاف لا يعني العداوة..

مما أقره الإسلام فكرة الاختلاف: "وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ", بل إن الاختلاف لازم لتوازن الحياة: "انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا", والتفضيل لا يكون إلا بالاختلاف, فلا بد من أن نختلف, لأن الاختلاف هو سر الإبداع وروح المنافسة, ولا يوجد في القرآن نفي طبيعة الاختلاف في البشر, إنما طالب القرآن بعدم التنازع في ظل الاختلاف:" وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ", وقد ذكر القرطبي أن (بني إسرائيل اختلفوا بعد موت موسى في أشياء من أمر دينهم وأشياء من أمر دنياهم, فبيَّنَ لهم عيسى أمر دينهم), لكن يجب أن نتعايش بهذا الاختلاف, فكما أن مبدأ الاختلاف أقره القرآن فكذلك مبدأ التعايش أوجبه القرآن: "وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا", ففي الآية المبدآن, مبدأ الاختلاف الذي يقتضيه لفظ الشعوب والقبائل, ومبدأ التعايش الذي يقتضيه لفظ التعارف, وإن كان الاختلاف سر قوة فإن التفرق أساس الضعف, لذا أكد القرآن على الاتحاد وعدم التفرق الذي لا يكون إلا بالتعايش: "وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا", لأن الاتحاد يوفر لجوِّ التعايش في ظل الاختلاف الأمنَ والاستقرار, وإذا ما هدد خطر ما هذا الاتحاد فالحل: "إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما", "إنه ستكون هنات، فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهي جميع فاضربوه بالسيف كائنًا من كان", "من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه", لأن التراخي في حسم هذا التصدع لن يأتي إلا باتساعه, لذا فالحل الأنجع التخلص من الأسباب, وفي التخلص حفظ الدماء لا إهدارها, لأن الترك سيترتب عليه سفك دم أكثر من الحسم, لذا..
فلْنَختلفْ لكن..
علينا أن نحافظ على القيم..
على المحبة..
على التآخي..
على الاحترام..
على تقبل الآخر..
يوسف حسن حجازي
https://www.facebook.com/aqsalarb

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عناصر الرواية

بسم الله الرحمن الرحيم الروايــة: هي فن سردي نثري يجمع بين الحقيقة والخيال يتصف بالطول عادة [1] . * عناصر الرواية : الشخوص, الزمان, المكان, الأحداث, الصراع , النظم, الفكرة, النهاية والحل, اللغة, الكاتب. 1- الشخوص: هي التي تتشكل بتفاعلها ملامحُ الرواية, وتتكوَّن بها الأحداثُ, لذا فعلى الروائيّ أن ينتقيَ شخوصَ روايته بحكمة بحيث يجعل الشخصية المناسبة في المكان المناسب. تنقسم الشخوص إلى قسمين: إما أن تكون صادقة يمثلها البشر أو كاذبة تتجسد في الحيوانات أو الجمادات, وقد يجمع الروائي بين البشر والحيوانات أو الجمادات في خياله الروائي, وسبق أن قرأت  قصة قصيرة دارت أحداثها بين قلم وممحاة. • ويمكن أن أُقَسِّمَ الشخصيات من حيث الدور الذى تقوم به إلى: شخصيات رئيسة وشخصيات ثانوية, فالشخصية الرئيسة هي التي تتواجد في المتن الروائي بنسبة تفوق الخمسين بالمائة, وتبرز من مجموع الشخصيات الرئيسة شخصية مركزية تقود بطولة الرواية. أما الشخصية الثانوية فهي كالعامل المساعد في التفاعل الكيميائي يأتي بها الروائي لربط الأحداث أو إكمالها, وهذا لا يعنى أنها غير مؤثرة, فإن كانت ك...

أهمية الدراسة الدلالية في نقد الشعر

أهمية الدراسة الدلالية في نقد الشعر يوسف حسن حجازي .. الدراسة الدلالية للنص هي دراسة كل ما يعين على الوصول إلى الصورة المطلوبة للنص, وقديما كانت الدلالة يقصد بها المعنى, ينقل مرتضى الزبيدي عن الفارابي في تاج العروس قوله: (ومعنى الشيء ومعناته واحد, ومعناه وفحواه ومقتضاه ومضمونه كله هو ما يدل عليه اللفظ) [1] , أما حديثا فقد شملت الدلالة كل ما يحمله النص من أصغر بنية وهي الحركة إلى أكبر بنية وهي التركيب وما يؤديه البناء الموضوع من معنى وما فيه من صوت وحركة ولون, وقد ذكر الدكتور هادي نهر أن المحدثين منهم من ذهب إلى القول بالترادف بين الدلالة والمعنى, ومنهم من رأى أن المعنى أوسع من الدلالة لاقتصار الأخير على اللفظة المفردة, ومنهم من رأى أن الدلالة أوسع من المعنى فكل دلالة عندهم تتضمن معنى وليس كل معنى يتضمن دلالة فبينهما عموم وخصوص [2] , ويقول في علم الدلالة التطبيقي: (أما الدلالة في الاصطلاح فتعني ما يتوصل به إلى معرفة الشيء كدلالة الألفاظ على المعنى الذي توحي به الكلمة المعينة أو تحمله أو تدل عليه) [3] , ليحدد بعد ذلك تعريف علم الدلالة معتمدا على مفهوم الدلالة بأنه علم خاص بدراسة...

مقالة في الكتابة العروضية.. يوسف حسن حجازي

مقالة في الكتابة العروضية يوسف حسن حجازي .. تحميل مقالة في الكتابة العروضية